إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
الفتاوى الرمضانية
35802 مشاهدة print word pdf
line-top
الفرق بين صلاة التراويح والقيام

السؤال:-
      ما الفرق بين صلاة التراويح والقيام؟ وما الدليل على تخصيص القيام بالعشر الأواخر؟ وهل من دليل على تخصيص القيام بتطويل القراءة والركوع والسجود؟
الجواب:-
     صلاة التراويح هي قيام رمضان بما تقدّم، ولكن طول القيام في العشر الأواخر يسمى بالقيام، وفي الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنهما- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله قال ابن رجب في اللطائف: يُحتمل أن المراد إحياء الليل كله، وقد روي من وجهٍ فيه ضعف بلفظ: وأحيا الليل كله وفي المسند عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم، يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمر وشد المئزر .
 وخرج أبو نعيم بإسناد فيه ضعف عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا شهد رمضان قام ونام، فإذا كان أربعا وعشرين لم يذق غمضا اهـ.
     وقال -أيضا - في معنى شدّ المئزر: والصحيح أن المراد اعتزاله للنساء... وقد ورد ذلك صريحا من حديث عائشة وأنس وورد تفسيره بأنه لم يأو إلى فراشه حتى ينسلخ رمضان، وفي حديث أنس وطوى فراشه، واعتزل النساء .
     ومن هذه الأحاديث يُعلم سبب تخصيص ليالي العشر الأواخر بالقيام، فإن ظاهر هذه الأحاديث أنه يقوم الليل كله بالصلاة والقراءة، ولا شك أن ذلك يستدعي طول القيام والركوع والسجود، وقد ذُكر في المناهل الحسان عن الأعرج قال: ما أدركنا الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان، وكان القارئ يقرأ سورة البقرة في ثمان ركعات، وإذا قام بها في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفّف.
     وعن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه، قال: كنّا ننصرف في رمضان من القيام، فنستعجل الخدم بالطعام، مخافة فوت السحور ، وسبق في حديث السائب أن القارئ يقرأ بالمئين، حتى كانوا يعتمدون على العصي، فما كانوا ينصرفون إلا في فروع الفجر، وروى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أفضل الصلاة طول القنوت أي طول القيام، وروى مسلم -أيضا - عن حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، ثم افتتح النساء، فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح ، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده . ثم قام طويلا قريبا مما ركع ، ثم سجد، فقال: سبحان ربي الأعلى . فكان سجوده قريبا من قيامه .
     وروى البخاري ومسلم عن ابن مسعود قال: صليت مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأطال، حتى هممت بأمر سوء، هممت أن أجلس وأدعه .
     فمن هذه الأحاديث يؤخذ أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، التي داوم عليها طول القيام، وطول الأركان، وأنه يخص العشر بمزيد من الاجتهاد، والله أعلم.

line-bottom